نشر في
إن رؤيتنا تتمحور حول ثلاث رؤى فرعية، تكمل بعضها بعضاً، ولكل منها أهدافها الخاصة التي تصب بشكل عودي على أهداف الرؤى الفرعية الأخرى. رؤية بفجوة زمنية تبدأ اليوم وتنتهي في عام 2035، وبفجوة وضعية تنقلنا من حالنا اليوم إلى حال دول ذات اقتصادات مستدامة، ومجتمعات مرفهة، وثقافات رفيعة.
الرؤية الفرعية الأولى – اقتصاد مستدام
إننا، من خلال «كويت الاستدامة»، نتصور الاقتصاد الكويتي اقتصادا مستداما، يعتمد على عوائد خارجية تدار إدارة لا مركزية، بحيث تصب عوائده في جميع زوايا طبقات ذلك الهرم الإداري، بمنهجية متوزعة، وليس في أعلى الهرم الإداري وحسب، حيث إنها ناتجة عن إنتاج محلي أساسه موارد أولية سواء كانت محلية أو خارجية، بمراعاة عدم استنفاد موارد الأجيال القادمة.
فلهذه الرؤية الفرعية أهداف أساسية، تندرج تحت كل منها أهداف فرعية، يتم التطرق لها ولاستراتيجيات تحقيقها، تفصيلا وإسهابا في المحاور اللاحقة، ويصنع تحقيقها – تكامليا – هذه الرؤية الفرعية. وبشكل موجز، فإن الأهداف الأساسية لهذه الرؤية الفرعية هي:
أولاً: إيرادات صادرات نفطية لا تتعدى ما نسبته % من إجمالي إيرادات الدولة: إن إيرادات الصادرات النفطية هي مصدر دخل بيعي لمورد طبيعي قابل للنضوب. واستنفاده من أجل سد تكاليف استهلاكية محلية يتعارض بالكلية مع مبدأ الاستدامة الاقتصادية. ولتحقيق التنمية المستدامة فإنه من الواجب (1) أن نضع بالاعتبار حق الأجيال القادمة في ما يتم جنيه من هذا الريع. فعلى الرغم من حصول صندوق الأجيال القادمة –في وضعنا الحالي– على من إجمالي الإيرادات، إلا أن الإيرادات النفطية تشكل ما هو أعلى أو أدنى بقليل من من إجمالي الإيرادات. أي أن حق الأجيال القادمة هو بقرابة %9 مما يتم استخراجه سنويا من باطن الأرض، وهذا أمر غير منصف كليا. وانخفاض إيرادات الصادرات النفطية إلى % من إجمالي الإيرادات لا يعني بالضرورة انخفاض إجمالي الإيرادات بشكل عودي، إنما هو تصور بأن هناك قنوات دخل غير نفطية قادرة على تشكيل u من إجمالي إيرادات الدولة، قنوات ناتجة عن حلول اقتصادية متينة وحديثة. بذلك، فإن (2) هو أن يكون الاقتصاد الكويتي مدارا بمنهجية منفصلة لا مركزية نتيجة لاختلاف قنوات الدخل وتشكيلها بالنسبة للجزء الأكبر من إجمالي الإيرادات. وعليه، فإن مصدر دخل الغالبية العظمى من أفراد هذا المجتمع لا تكون قائمة بشكل شبه كلي على إجمالي الإيرادات النفطية التي تشكل % من إجمالي إيرادات الدولة. وتبعا لذلك فإنه (3) يبدو من المنطقي حصول ارتفاع في الصادرات الناتجة عن الكفاءة الإنتاجية والمحققة لتلك الـ u من إجمالي الإيرادات الحكومية، وهو ما يعطي دلالة على أن الموارد الأولية في تلك الإنتاجية غير قابلة للنضوب؛ إذ إنها ناتجة عن عقل مدبر وإبداع فكري ومنهجية بحث وتطوير. وبذلك لا يكون هناك أي أثر سلبي يستحق الذكر على موارد الأجيال القادمة.
ثانياً: بيئة مال وأعمال مرنة ومنتجة، بجاذبية استثمار عالية: بحيث تكون مخرجات كفاءتها العالية هي ما تحفز الإيرادات غير النفطية لخزينة الدولة، التي تشكل u من إجمالي الإيرادات؛ كالرسوم السنوية، وضريبة الاستيراد والتصدير، وضريبة الدخل والقيمة المضافة. أضف إلى ذلك دورها المحوري والمتمثل في خلق فرص وظيفية تشكل في وقتنا الراهن قضية شائكة، كما تمثل إحدى المسؤوليات الضرورية التي تثقل عاتق الدولة. فهذا الهدف يجعلنا نتصور بأن الكويت أقرب لأن تكون مركزا تجاريا عالميا، يحتضن نخبة شركات الإنتاج العالمي الكبرى، وتتنافس به أضخم شركات الخدمات اللوجستية لربط القارات عالميا من خلاله.
الرؤية الفرعية الثانية – مجتمع مرفه
أما من خلال هذه الرؤية الفرعية، والمفصلة في محورها الخاص، فإننا نتصور أن الفرد في هذا المجتمع – مواطنا كان أو وافدا – قادر على الشعور بالانتماء لهذا الوطن الذي وفر له الحياة الكريمة بمقوماتها لا الأساسية وحسب، بل حتى الثانوية، رافعا مستواه المعيشي بأساليب اقتصادية حديثة. فرد تهيأت له البيئة الصحية للاستثمار والإنتاجية، بيئة تميز بين الأفراد حسب كفاءة إنتاجيتهم، جاعلة كل فرد قادرا على دفع عجلة إنجاز أهداف الرؤى الفرعية الأخرى.
الرؤية الفرعية الثالثة – ثقافة رفيعة
وأخيرا، فمن خلال هذه الرؤية الفرعية، والمفصلة في محورها الخاص، فإننا نتصور بأن تكون الكويت مركزا علميا ثقافيا، يستقطب العقول صاحبة الفكر والرأي السديد والنقد الأمثل في شتى المجالات استقطابا يتم استغلال مخرجاته، موظفا إياها في البحث والتطوير والإبداع، ويسهم بدوره في تحفيز العمل الجاد بغرض تحقيق أهداف الرؤى الفرعية الأخرى.