نعيب زماننا والعيب فينا..!
عبدالله بن سالم العبدالله السلوم
نشرت في 2020/02/06 و تم طلب نسخة الطباعة في 2024/04/26
نشر في [القبس]

يتكرر المشهد، نعيش الأيام نفسها، باضطراباتها السياسية والاقتصادية والرياضية، وربما.. الأخلاقية! أياماً نألفها وتأتي دائماً في موعد معهود قبيل انتخابات مجلس الأمة بفترة وجيزة، يُرفع بها سقف النقد الذي يراه البعض وسيلة لتصحيح مسار يخدم الشأن العام، إلا أنه في أغلبية الأحيان يكون وسيلة لغايات أخرى لا علاقة لها به - بل وقد تضره - من أجل مصالح شخصية تجذرت لتثمر لنا بمعضلات جلية.

دكتور تميّز بأمور الطب، ينتقد سوء الإدارة في مؤسسات الدولة معتداً بنفسه، حتى أنك تظنه رئيساً تنفيذياً مخضرماً، وما أبعده عن ذلك. وباحث اقتصادي تخصص في التحليل المالي، يخوض في النوايا ويذكر اتهامات باطلة واستنتاجات ساذجة، مستنداً إلى أرقام الصندوق السيادي ومتقمصاً شخصية المحقق الفدرالي. وذاك وتلك، من خبراء في الحياة الزوجية والعلاقات العامة والرياضة، تجد لهم الرأي اللاذع في كل قضية خارج نطاق اختصاصهم، يُطرح بآليات معدومة الفروسية، بغية انتقاص السلطة وإثبات ضعفها.

وعلى الطرف الآخر، تشهد مؤسسات الدولة إدارات وكفاءات متواضعة بحال يرثى له، تكونت نتيجة نظام بيروقراطي وقصور تشريعي، لتلتهم نفسها بنفسها. وهي اليوم بتواضعها غير قادرة على سد الأفواه إلا بسبل أخرى معدومة الفروسية أيضاً، من تنفيع وتدليس وفساد، سعياً لاستمرارية تلك الديمومة المثيرة للشفقة.

نعم، نحن مؤمنون بتواضع أغلبية الإدارات في مؤسسات الدولة، موقنون بأنها غير قادرة على مواكبة متغيرات العصر والمنطقة، ولن يمكنها إدراك أهمية الإصلاح لمستقبل الأجيال القادمة. ولكننا في الوقت ذاته على قدر من الإدراك يفوق قدر إيماننا السابق بأن أغلبية جبهات النقد في معظم الأصعدة مضاهية لمؤسسات الدولة بتواضعها، إن لم تكن أقل منها بكثير.

وليس ذلك بمستغرب! بل هو أمر طبيعي أن تتقارب العقول أينما كانت مواقعها لتتشابه، سواء في جبهات مؤسسات الدولة أو في جبهات النقد السالفة الذكر، فجميعها داخل نطاق مجتمعي واحد، ومن الوارد جداً أن يعلو صوت تلك العقول المتواضعة، لتمثيلها الأغلبية الكبرى.

فالقضية يا سيدي ليست متأصلة بشخوص معدودة، بل بفكر مجتمعي وجب استبداله بقصد الإصلاح. فكر يتمرس نقد الخطيئة، والإشادة بالمنفعة، أينما كان منبعها، وإن اختلف الفكر مع أصل المنبع. والإصلاح المعني يا سيدي يقصد استبدال هذا الفكر بالتغيير الجريء.

فحين يجرد القيادي من قيوده السياسية، ويزعزع أمن منصبه تبعاً لتواضع كفاءته، ويرتقي المؤهل والجدير بالعمل المؤسسي داخل مؤسسات الدولة، فلن تجد كائناً من كان يوجه نقده إلى تلك المؤسسات؛ لأن غايته السياسية لن تتحقق لارتفاع ثقة المجتمع بتلك المؤسسات. هنا ستتبدل الأحوال، ليتحول من ناقد بدافع النقد، إلى ناقد بدافع إصلاح حقيقي، متجرداً من غاياته السياسية المتواضعة التي لا تعرف سبيلاً لإحداثيات الشأن العام.

فكيف «نعيب زماننا والعيب فينا، وما لزماننا عيب سوانا»؟
عبدالله بن سالم العبدالله السلوم

الموقع الإلكتروني: /abdullah.com.kw
البريد الإلكتروني: contact(at)abdullah.com.kw
مواقع التواصل الإجتماعي: alsalloumabdul