نشر في
إن الاقتصاد الريعي هو الاقتصاد الذي يعتمد على عوائد خارجية، تدار بمنهجية مركزية، ناتجة عن بيع أو تأجير موارد الدولة من دون وجود حاجة للإنتاجية الداخلية، مستنفدة موارد الأجيال القادمة حد الاستنزاف. ولإدراك آليات إدارة هذا النظام الريعي يتوجب علينا أولا أن نفهم كيان الاقتصاد الكويتي.
اقتصاديا، يندرج الاقتصاد الكويتي تحت تصنيف الاقتصادات الريعية، إذ يعتمد بطبيعة الحال وعلى نحو شبه كلي على مصدر دخل بيعي –النفط–، الذي يتوجه ريعه إلى «الكوكبة» سالفة الذكر، المؤثرة على إدارة مسائل توزيع الثروة عبر مؤسسات الدولة إلى كل من المواطنين العاملين في القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وإلى المؤسسات الحكومية لأغراض تحسين أدائها الوظيفي وسد احتياجاتها، وإلى القطاع الخاص، على شكل مناقصات أو ممارسات، بهدف سد الثغرات وتنفيذ مشاريع القطاع الحكومي.
وبناء على ما سبق توضيحه أعلاه، يكون ريع الصادرات النفطية هو مصدر دخل القوى العاملة داخل حدود الدولة عامة، عدا فئة واحدة تصنف ضمن القطاع الخاص، ويعتمد نشاطها بشكل مباشر على التصدير إلى الخارج. وفي ضوء الجدل المحيط بهذه المسألة، وفي ظل زخم تعقيداتها، قد يلتبس الأمر عند البعض معتقدين بانعدام وجود تأثير على فئة ما في حال ارتفاع أو انخفاض قيمة الصادرات النفطية. وفي ظل حديثنا هذا فإننا لن نتطرق إلى القطاع الحكومي لارتباطه بعلاقة مباشرة ووطيدة مع ريع الصادرات النفطية، بل سنسلط عدسة المجهر على القطاع الخاص، لارتباطه بجهات لا علاقة تجمعها بأي جهة حكومية بتاتا، كالجهات التي تخدم القطاع الاستهلاكي أو الخدمي، وما سوى ذلك من قطاعات. إن كانت الفئة في القطاع الخاص غير قائمة على التصدير إلى الخارج، فهي بلا شك قائمة على الاستهلاك المحلي وحسب، أي أن ما تركز على استهدافه هو حاجة الأفراد داخل حدود الدولة.
يختلف مجال عمل هؤلاء الأفراد الذين يشكلون الفئة المستهدفة؛ فمنهم من يعمل في مؤسسات حكومية، أو مؤسسات خاصة مرتبطة بشكل مباشر بمؤسسات حكومية، أو في مؤسسات خاصة غير مرتبطة بمؤسسات حكومية – كالفئة التي نشير إليها الآن–، أو في مؤسسات خاصة قائمة على التصدير إلى الخارج، والتي تشكل نسبة ضئيلة جدا. ففي حال كان التهديد مرتبطا بريع الصادرات النفطية، فلا شك من أنه، من خلال التقشف الحكومي، سيمس وبشكل مباشر موظفي المؤسسات الحكومية أولا، الذين يشكلون نسبة كبيرة من الشريحة المستهدفة من قبل هذه الفئة في القطاع الخاص. ثانيا: موظفي المؤسسات الخاصة المرتبطة بشكل مباشر مع مؤسسات حكومية.
والسبب في تأثرها عائد إلى سياسات التقشف فيها، إثر اعتماد تلك المؤسسات الخاصة على المناقصات أو الممارسات الحكومية التي تغيرت سياساتها مواكبة لسياسة التقشف الحكومي الذي نتج عن ارتفاع معدل التهديد الخاص بريع الصادرات النفطية. ثالثا: موظفي المؤسسات الخاصة غير المرتبطة بمؤسسات حكومية، وذلك نتيجة لسياسات التقشف فيها إثر انخفاض القوة الشرائية لشرائحها المستهدفة سالفة الذكر.
وبناء على ذلك، فإن المستفيد من هذا كله هو الموظف في تلك المؤسسات القائمة على التصدير إلى الخارج، وذلك بسبب عدم وجود رابط بين أعمالها، أضف إليه التهديد الذي يواجهه ريع الصادرات النفطية.